البيولوجيا الجزيئية أوعلم الأحياء الجزيئي هو مجال علم الأحياء الذي يدرس تكوين وبنية وتفاعلات الجزيئات الخلوية، مثل الأحماض النووية والبروتينات التي تنفذ العمليات البيولوجية الضرورية لوظائف الخلايا وصيانتها.
تم وصف البيولوجيا الجزيئية على أنها الطريقة أو النهج لفهم الظواهر البيولوجية التي تحدث داخل الخلية بما في ذلك التخليق الجزيئي، والتعديل، والتفاعلات، ومن ثم فإن دراسة التركيب الكيميائي والفيزيائي للجزيئات البيولوجية الكبيرة تعرف بالبيولوجيا الجزيئية.
بداية تطور البيولوجيا الجزيئية
بدأ كل شيء بظاهرة التحول في البكتريا عام 1928، حينما لاحظ فريدريك جريفيث ظاهرة التحول من بكتريا إلى أخرى (المعروف باسم التطور الجيني)، وفي ذلك الوقت لم يستطع تفسير تلك الظاهرة.
في وقت لاحق أظهر بعض العلماء ظاهرة التحول في البكتريا برمتها، بعد عامين تم إنشاء علم الأحياء الجزيئي كفرع رسمي للعلوم لكن مصطلح “البيولوجيا الجزيئية” لم يُصاغ حتى عام 1938 وقد قام بذلك العالم وارن ويفر الذي كان يعمل مديرًا للعلوم الطبيعية في مؤسسة روكفلر.
خلال التجارب اُستنتج أن الحمض النووي هو المادة الجينية الأساسية التي تسببت في التغيرات الجينية، عُرف التكوين الأساسي للحمض النووي أنه يحتوي على أربع قواعد معروفة باسم ( الأدينين والجوانين والثايمين والسيتوزين).
على أساس التركيب الكيميائي وعلم البلورات بالأشعة السينية، اقترح بعض العلماء بنية الحمض النووي. ولكن قبل اقتراح بنية الحمض النووي في عام 1950، اقترح العالم إروين تشارجاف القاعدة [المعروفة اليوم باسم قاعدة تشارجاف]، والتي تنص على أن عدد الأدينين والثايمين والجوانين والسيتوزين متساويان.
نصت قاعدة تشارجاف على أن الحمض النووي لأي نوع من الكائنات الحية يجب أن يكون له نسبة 1: 1 متكافئة من البيورين والبيريميدين (أي A + G = T + C) كما يجب أن تكون كمية الجوانين مساوية للسيتوزين ويجب أن تكون كمية الأدينين مساوية للثايمين، يوجد هذا النمط في كل من خيوط الحمض النووي.
الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية
البيولوجيا الجزيئية هي دراسة الأسس الجزيئية للظواهر البيولوجية، مع التركيز على التركيب الجزيئي والتفاعلات.
بينما تهتم الكيمياء الحيوية بدراسة المواد الكيميائية والعمليات الحيوية التي تحدث في الكائنات الحية، يركز علماء الكيمياء الحيوية بشدة على دور ووظيفة وهيكل الجزيئات الحيوية مثل البروتينات والدهون والكربوهيدرات والأحماض النووية.
والفرق بين الكيمياء الحيوية والبيولوجيا الجزيئية هو أن الكيمياء الحيوية هي دراسة كيمياء الحياة بينما البيولوجيا الجزيئية هي دراسة بنية ووظيفة الجزيئات الحيوية.
تقنيات البيولوجيا الجزيئية
تعددت تقنيات البيولوجيا الجزيئية و سنتناولها بشيء من التفصيل.
1-الاستنساخ الجزيئي (Molecular cloning).
عزل تسلسل الحمض النووي DNA ذي أهمية، وإدراجه في ناقل للتكاثر داخل خلية بكتيرية أو حيوانية، دون تغيير تسلسل الحمض النووي الأصلي للخلية.
يتم استنساخ تسلسل الحمض النووي لبروتين ذي أهمية باستخدام تفاعل البلمرة المتسلسل (PCR) في بلازميد. يحتوي ناقل البلازميد على 3 سمات مميزة:( النسخ المتماثل، الاستنساخ المتعدد، والعلامة الانتقائية (عادةً مقاومة المضادات الحيوية).
يمكن إدخال هذا البلازميد في الخلايا البكتيرية أو الحيوانية. عن طريق امتصاص الحمض النووي العاري ، أو الاقتران عبر الاتصال بالخلايا الخلوية أو عن طريق النقل عبر الناقل الفيروسي. ويُطلق على تلك العملية (transfection).
يتم الآن ترميز الحمض النووي لبروتين مهم داخل الخلية، ويمكن الآن التعبير عن البروتين. يمكن بعد ذلك استخلاص كميات كبيرة من البروتين من الخلية البكتيرية أو حقيقية النواة، كما يمكن اختبار النشاط الإنزيمي للبروتين في العديد من الحالات.
2-تفاعل البلمرة المتسلسل(PCR).
يستخدم لنسخ الحمض النووي. باختصار، يسمح بنسخ تسلسل معين من DNA أو تعديله بطرق محددة يكون التفاعل قويًا للغاية ويمكن استخدامه أيضًا لتضخيم جزيء DNA واحد ليصبح 1.07 مليار جزيء في أقل من ساعتين.
يستخدم للعديد من الأغراض نذكر منها:
- دراسة التعبير الجيني.
- اكتشاف الكائنات الدقيقة المسببة للأمراض.
- اكتشاف الطفرات الجينية.
- إدخال الطفرات في الحمض النووي.
- تغيير قواعد معينة من الحمض النووي.
*يحتوي PCR على العديد من الاختلافات، مثل النسخ العكسي (RT-PCR) لتكبير الحمض النووي الريبي(RNA) ، أيضًاPCR الكمي الذي يسمح بالقياس الكمي لجزيئات DNA أو RNA.
3-الفصل الكهربائي الهلامي(Gel electrophoresis).
طريقة معملية تستخدم لفصل مخاليط الحمض النووي أو الحمض النووي الريبي أو البروتينات وفقًا للحجم الجزيئي. في الفصل الكهربائي للهلام، يتم دفع الجزيئات المراد فصلها بواسطة مجال كهربائي عبر مادة هلامية تحتوي على مسام صغيرة.
4-فحص برادفورد(The Bradford Assay).
تقنية بيولوجيا جزيئية تمكن من التحديد الكمي السريع والدقيق لجزيئات البروتين باستخدام الخصائص الفريدة لصبغة تسمى Coomassie Brilliant Blue G-250. يخضع Coomassie Blue لتغير واضح في اللون من البني المحمر إلى الأزرق الساطع عند الارتباط بالبروتين.
5-النشاف(blotting).
وهنا نذكر 4 أنواع:
● النشاف الجنوبي Southern blotting.
هي طريقة للتحقق من وجود تسلسل DNA محدد داخل عينة DNA. يتم فصل عينات الحمض النووي قبل أو بعد هضم إنزيم التقييد بواسطة الفصل الكهربائي للهلام ثم يتم نقلها إلى غشاء عن طريق النشاف. ثم يتم تعريض الغشاء إلى مسبار DNA المسمى الذي يحتوي على تسلسل أساسي مكمل للتسلسل الموجود على الحمض النووي محل الاهتمام. يتم استخدام النشاف الجنوبي بشكل أقل شيوعًا في علوم المختبرات نظرًا لقدرة التقنيات الأخرى، مثل تفاعل البوليميراز المتسلسل (PCR).
● النشاف الشمالي Northern blotting.
يستخدم لدراسة وجود جزيئات معينة من الحمض النووي الريبي كمقارنة نسبية بين مجموعة من عينات مختلفة من الحمض النووي الريبي، يتم فصل الحمض النووي الريبي على أساس الحجم ثم يتم نقله إلى غشاء يتم فحصه بعد ذلك.
● النشاف الغربي Western blotting.
هي تقنية يمكن من خلالها الكشف عن بروتينات معينة من خليط من البروتينات. يمكن استخدام اللطخات الغربية لتحديد حجم البروتينات المعزولة، وكذلك لتحديد مقدار تعبيرها.
● النشاف الشرقي Eastern blotting
يستخدم للكشف عن التعديل اللاحق للبروتينات. يتم فحص البروتينات المنقوشة على PVDF أو غشاء النيتروسليلوز لإجراء تعديلات باستخدام ركائز معينة.
6-المصفوفات الدقيقة(Microarrays).
عبارة عن مجموعة من البقع المرتبطة بدعامة صلبة مثل شريحة المجهر حيث تحتوي كل بقعة على واحد أو أكثر من شظايا الحمض النووي، تتيح المصفوفات وضع كميات كبيرة من البقع الصغيرة جدًا (قطرها 100 ميكرومتر) على شريحة واحدة.
تحتوي كل بقعة على جزيء DNA مكمل لتسلسل DNA واحد، في هذه التقنية يتم عزل الحمض النووي الريبي الموجود في الأنسجة وتحويله إلى DNA التكميلي المسمى (cDNA).
نظرًا لأنه يمكن عمل مصفوفات متعددة بنفس موضع الشظايا تمامًا، فهي مفيدة لمقارنة التعبير الجيني لنسيجين مختلفين مثل الأنسجة السليمة والسرطانية. كما يمكن قياس الجينات التي يتم التعبير عنها وكيف يتغير هذا التعبير بمرور الوقت أو مع عوامل أخرى.
هناك العديد من الطرق المختلفة لتصنيع المصفوفات الدقيقة. الأكثر شيوعًا هي رقائق السيليكون، وشرائح المجهر ذات البقع التي يبلغ قطرها حوالي 100 ميكرومتر، والمصفوفات المخصصة، والمصفوفات ذات البقع الأكبر على الأغشية المسامية (المصفوفات الكبيرة).
استخدامات البيولوجيا الجزيئية
تعددت استخدامات البيولوجيا الجزيئية في شتى المجالات الطبية ومجال الزراعة والصناعة والإنتاج الحيواني ونذكر منها:
- تلعب البيولوجيا الجزيئية دورًا مهمًا في فهم الهياكل والوظائف والضوابط الداخلية داخل الخلايا الفردية.
- الوقاية من الأمراض وعلاجها عن طريق استهداف عقاقير جديدة بكفاءة وتشخيص المرض وفهم فسيولوجيا الخلية بشكل أفضل.
- تغطية بعض الأبحاث السريرية والعلاجات الطبية.
- التلاعب بالنباتات والحيوانات للحصول على الصفات المظهرية المرغوبة.
الخاتمة
تناولنا خلال المقال تعريف البيولوجيا الجزيئية وتاريخ نشأتها وتطورها والفرق بينها وبين الكيمياء الحيوية،
كما تطرقنا لبعض تقنيات البيولوجيا الجزيئية نذكر منها: * الاستنساخ الجزيئي (Molecular cloning).
* تفاعل البلمرة المتسلسل(PCR).
* الفصل الكهربائي الهلامي.
* المصفوفات الدقيقة(Microarrays).
وختمنا ببعض استخدامات البيولوجيا الجزيئية التي لا حصر لها سواء في المجال الطبي أو الزراعة والإنتاج الحيواني وغيرها.
المصادر
What is the Difference Between Biochemistry and Molecular Biology – Pediaa.Com.
Molecular biology – Latest research and news | Nature.
Foundations of Molecular Cloning – Past, Present and Future | NEB.
gel electrophoresis | Learn Science at Scitable.